الهدي القرءاني فى مجادلة المنكرين
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
الهدي القرءاني في مجادلة المنكرين
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد قائد الغر المحجلين وعلى آله سفينة السعداء الناجين وعلى صحابته نجوم المهتدين في سيرهم إلى الله تعالى وهو ربنا ورب آبائين الأولين وأحفادنا القادمين إلى يوم الدين.
أما بعد
قال تعالى: (إلا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وجَعَلَ كَلِمةَ الّذين كَفَرُوا السُّفْلَىَ وكَلِمَةَ اللهِ هِىَ العُلْيا واللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ). التوبة، 40. وقال عز وجل: (قُلْ فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ). الأنعام، 149. فالخطاب القرءاني يعلو ولا يعلى عليه، وهو خطاب ظاهر على غيره من الأقوال والحجج، وله من مناهج الجدال وحجج الدعوة مالا يضاهيه قول – لا من الإنس ولا من الجن.
ومن المناهج العلمية والمعرفية المتعددة التي يتخذها القرءان الكريم للدعوة إلى الله تعالى نذكر المنهجين التاليين من خصائص القرءان المتفردة في طُرُق الجدال.
المنهج الأول: بيان الحق مباشرة:
وهنا يذكر القرءان الكريم الحق ذكراً مباشراً، وبأسلوب التقرير وإملاء الوحي، دون أن يكون فيه رد على الباطل من أقوال الكفار. وذلك فى كثير من السور المكية التي تؤسس للعقيدة الإسلامية. ثم لاحقهم بنفس النهج لتثبيت أركان هذه العقيدة في بعض السور المدنية، ومثال ذلك قوله تعالى:
أ- (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ). الإخلاص، 1. ب- (قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ). الزمر، 11. جـ - (قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُم مَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ). يونس، 34.
المنهج الثانى: عرض أباطيل الخصوم والرد عليها:
وفى هذا المنهج يعرض المولى عز وجل ترهات الكفار والمشركين والمنافقين المتمثلة في أقوالهم المنحرفة فكرياً وعقائدياً. ثم بعد ذكر قولهم يفند الله تعالى في كتابه العزيز أقاويلهم الباطلة هذه. ومن ذلك على سبيل المثال – لا الاستقصاء:
أ- (وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ). التوبة، 30. ب- (وَقَالُواْ اتَّخَذَ اللّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ). البقرة، 116. جـ - (وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاء وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا). المائدة، 64.
فانظر إلى بلاغة الحجة القرءانية حيث لم تتأفف عن إيراد أقولهم الباطلة، بل جعل ذكر الباطل المراد نفيه قبل اثبات الحق المضاد، وذلك فى شهادة الإسلام التي تبدأ بنفي الإله الغير(لا إله) ثم تثبت الإله الحق وتحصره في ذاته تعالى (إلاّ الله).
ولقد كان أسلوب تناول الشر ومعرفته جزءاً من منهج بعض الصحابة أمثال سيدنا حذيفة رضي الله عنه الذي أوقف علمه على معرفة الشر ليتقيه، فاكتسب بهذا العلم معرفة سرائر المنافقين.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصبه وسلم.
كتبه / عبد الرحمن ود الكبيدة