خطبة افتتاح المسجد
بسم الله الرحمن الرحيم
خطبة افتتاح المسجد
18 جمادى الثانى 1431هـ الموافق 2 ابريل 2010م
الخطبة الأولى:
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله ذي المن والطول؛ الذى أنزل لنا القرءان وهو أصدق الحديث والقول؛ وجعل الصلاة صلة بينه وبين عبده ومنجاة لهذا العبد يوم الجزاء والهول.
وأشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له وأشهد أن حبيبنا ونبينا ومولانا سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله الذي تمت على يده نعماء ربنا بعلم الوحى والمنقول.
أما بعد:
عباد الله، قال تعالى في محكم تنزيله: (إنما يعمُر مساجدَ الله من آمن بالله واليوم الآخِر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلّا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين) صدق الله العظيم. فعمارة المساجد تكون ببنائها، وبالنفقة عليها، وبالصلاة فيها. أخرج الترمذي عن أبي سعيد الخُدْري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان".
والمساجد إنما بنيت لإقامة الصلاة وذكر الله تعالى؛ قال عز وجل: (في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكرَ فيها اسمُهُ يسبح له فيها بالغدو والآصال * رجالٌ لا تُلهيهِم تجارة ولا بَيْعٌ عن ذكر اللهِ وإقامِ الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوماً تتقلب فيه القلوبُ والأبصار) صدق الله العظيم. فهم رجال لا يأتي منهم إفراط ولا تفريط؛ فلا يشغلهم كسبهم عن معاودة المساجد، ولا تحبسهم صلاتهم بالمسجد عن طلب الرزق.
أخى المؤمن، أختى المؤمنة:
إن رسالة المسجد منذ العهد النبوي الشريف وحتى يومنا هذا تقوم على دعامتي القرءان الكريم والسنة النبوية الشريفة؛ حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم يتلقى الوحي ويبثه لأصحابه رضي الله عنهم، ويعلمهم ويبين لهم سور القراءن الكريم بما يلقيه من حديث شريف أو حديث قدسي. فكان النبي صلى الله عليه وسلم يتخذ من المسجد مدرسة، بل جامعة لتعليم أصحابه القرءان الكريم وفقه الدين الإسلامى. ثم جاء من بعده صحابته والتابعون والسلف الصالح إلى يومنا هذا يواصلون الجهد في ذات الأهداف التربوية للمسجد.
ونسبة لتشعب المعارف والتخصصات في زمننا هذا فقد أضحى للمسجد رافد الخلوة التي تقوم بوظيفة تحفيظ القرءان الكريم وتلقين علومه للنشء. وهنالك في المسجد منبر العلوم الشرعية والفقهية. وكل ذلك يشكل الإعداد النظري والعملي للفرد المسلم مما يمكنه من تزكية نفسه وإصلاحها.
وتطلب تعلم القرءان الكريم الوجود المستدام لدارس القرءان الكريم في داخلية الطلاب الملحقة بالخلوة والمسجد. ويلحق بالداخلية تكية (أي مطبخ) تقوم بإعداد الطعام للدارسين وضيوف الرحمن. وبهذا يتكامل الجهد التربوي وتتضافر وحدات المسيد في خلق الفرد المسلم الذي تقوم على أكتافه دولة الإسلام.
وإننا إذ نربأ بحافظ القرءان الكريم أن يخرج للمجتمع وهو كلٌّ على غيره، أي بلا عمل أو كسب يقتات منه فقد رأينا أن يحوي هذا المسيد معهداً حرفياً يتلقى فيه دارس القرءان الكريم مهنة الحدادة، وميكانيكا وكهرباء السيارات، وعلوم الحاسوب والتصميم الفني بجانب علوم القرءان والفقه واللغات.
كما نود الإشارة إلى أن هذا المسيد يقوم بكفالة بعض الأيتام – كفالة تامة يستفيد منها اليتيم إلى حين تخرجه من الجامعة - إن بلغ تعليمه ذلك.
اللهم يا باسط اليدين بالعطية، ويا مانح الهدى لمن اصطفيت من البرية، أهدنا لخير العمل، وجنبنا الخطايا والزلل، وتب علينا يا تواب، واكتب لنا الرحمة وجزيل الثواب، إليك المصير والمآب.
وفي الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "التائب من الذنب كمن لا ذنب له"، أو كما قال.
الخطبة الثانية:
الحمد لله الملك الديان. والصلاة والسلام على سيدنا محمد المبعوث للإنس والجان؛ وعلى آله وصحابته الذين أسسوا لهذا الدين منيع الأركان. وارض اللهم عن التابعين لهم من سلفنا صالحي هذه الأمة الذين عبدوا الله تعالى على مقام الإحسان.
عباد الله: قال تعالى: (وأقم الصلاة لذكري) صدق الله العظيم. وقال عز وجل: (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتا) صدق الله العظيم. فأوصيكم ونفسي بالحرص على الصلوات المكتوبات في المسجد، ولنستزيد من نوافل القربات شكراً لله عز وجل. قال تعالى: (فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون) صدق الله العظيم. فإن أوجب الواجبات شكر الله تعالى على ما أولانا من نعم وبركات. ويتبارك الشكر وتمتد ظلاله ليتفيأها كل محسن وجب شكره. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يشكر الله من لا يشكر الناس" أخرجه أبو اؤود في سننه.
وإن على هذا المسجد يد سلفت ودين مستحق لرجال لهم منا الوفاء والعرفان الذي نبدأه بالخليفة الشيخ أحمد ابن الشيخ دفع الله الصائم ديمه الذي وقف على هذا العمل من مبدئه وحتى منتهاه؛ وأسمى آيات الشكر لأسرة السيد عبد الرزاق بشاوري، والسيد خالد أبو عيران الذين أنفقوا على البناء حتى رأوا ثمرة جهدهم اليوم. وعلى أجنحة الشكر يحمل كل من أسهم بالفعل أو القول المعروف في إكمال هذا الصرح. فنسألك اللهم أن تجعل ذلك في موازين حسناتهم، إنك أنت الغني الكريم.
عباد الله . . قال تعالى: (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) صدق الله العظيم. اللهم صل وسلم على سيدنا محمد الذي ملأت قلبه من جلالك وأسديت له كل نوالك فجعلته أفضل مخلوقاتك ذاتاً وأعلاها؛ وأتمها صفات وأسناها. وصل اللهم وسلم على آله وصحابته الأتقياء. وارض اللهم عن التابيعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. وأشمل اللهم برضاك ساداتنا العلماء والصالحين الذين بذلوا كل غال ونفيس في نشر الدين الإسلامى وتعليم القرءان الكريم. اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولمن له حق علينا ولأصدقائنا وجيراننا وزوارنا ومعارفنا ومن صلى معنا ومن لبى دعوتنا. ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم.
اللهم نور ضريح والدنا الشيخ دفع الله الصائم ديمه، وقدس سره، واجزه عنا خير الجزاء بقدر ما قدم لهذا الدين، وضاعف له الجزاء على ما شاد من المساجد ودور العبادة؛ وأضعاف ذلك على ما قدم من نفقة وإحسان.
فهذا المسجد ثمرة من ثماره إرشاداً وتوجيهاً، فهو الرجل الذى أوقف حياته لنشر القرءان والإسلام حيث امتد نشاطه الدعوي حتى جبال الإنقسنا التي له فيها عدة مساجد وخلاوى لتحفيظ القرءان، وزوايا.
اللهم أنت السلام ومنك السلام فانزل علينا سكينة السلام في بلدنا هذا، وجنبنا الفتن – ما ظهر منها وما بطن. واجعل هذا البلد سخاءً رخاءً.
اللهم انصر الإسلام والمسلمين، ووحد كلمة المسلين، ووفق جميع ولاة المسلمين للعمل بشريعتك والهمهم الصواب في قيادة المسلمين.
عباد الله: (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذَكَّرون). قـوموا إلى صلاتكم، يرحمكم الله.