العولمة وأثرها على المسلمين
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
العولمة وأثرها على المسلمين
(من بحث التخرج من الجامعة كتبه عماد الدين عبد الرحمن ود الكبيدة)
إن موضوع العولمة قد أصبح سائداً. وإذا كانت فكرة العولمة فى جوهرها فكرة قديمة، فهى تكتسب الآن صياغات شديدة التعقيد، يمكن من خلالها خداع الكثيرين، فالتطورات العلمية والثقافية والإعلامية المختلفة قد أكسبتها قدرات أكبر فى الخداع والمراوغة. وتتضح هذه الصفة الزئبقية للعولمة من تعريفها.
أ) تعريف العولمة:
إن تعريف العولمة تعريفاً جامعاً أمر يصعب بلوغه، لأن النظر إليها يتناولها من زاوية ما يبحث فيه. فهى عند الاقتصادى ترتكز على الاندماجية، فتعنى اندماج أسواق العالم فى حقول التجارة والاستثمارات المباشرة وانتقال الأموال والقوى العاملة ضمن اطار من الرأسمالية وحرية الأسواق التى تتخطى القوميات. بينما يرى السياسيون أن العولمة ترتكز على مفهوم الأحادية (أى أرض بلا حدود)، وتستند العولمة الثقافية على مفهوم الشمولية (أى ثقافة بلا حدود).
إذاً طرحت نظرية العولمة أو "الكوكبية" على نطاق واسع، وتعددت حولها الآراء والمفاهيم، وكان واضحاً من الاسم نفسه أنها تبنى على نوع من الاتحاد أو التماثل أو حتى التطابق بين البشر الذين يعيشون على هذا الكوكب، والسياسات التى تبنى عليها تبتغى أن تكون عالمية، تتخطى التنوعات والتباينات والخصائص الفارقة للأمم والثقافات.
إنه إذا كانت العلمانية تنظيراً إلحادياً وصباً للحضارة فى بوتقة الكفر واللادينية، فإن العولمة تطبيق لهذه العلمانية وإنزال لها على أرض الواقع، بغية تعميمها على كل الدول ولا سيما الدول الإسلامية. فمن أهم مقاصد العولمة استبعاد الإسلام وإقصاؤه عن الحياة، وإحلال الفكر الأوربي والأمريكي المادى، العلماني، البرجماتي (النفعي) محله، بحيث يكون للعام أجمع فكر واحد وثقافة واحدة وحضارة واحدة، هي الحضارة الغربية العلمانية. ويروج الغربيون لهذه العولمة بأن العالم قد أصبح قرية واحدة بفضل وسائل الإتصالات الفضائيات التي تدخل كل بيت ومكتب ودار وتطلع أهلها بما يدور حول العالم في نفس لحظة الحدث. ولكن هذا الحديث عن القرية الواحدة لا يعني أن الناس سيصبحون سواسية، فاقتصاب الأرض والحرمات والمقدسات في بلادنا يجري على قدم وساق، والأمة الإسلامية تحرم وحدها حق تقرير المصير في فلسطين، وفي كشمير، وفي الفلبين، وفي البوسنا والهرسك. حقك في التنمية، أي حقك أن تحكم بالقانون الذى تريده كل ذلك محرم على أمتنا.
بل الأدهى وأمر أن هذه الهيمنة الغربية تقنن باسم الشرعية الدولية، وباسم النظام العالمي داخل أروقة الأمم المتحدة، وتخرج قوانين مؤتمر السكان لتقنن القيم الغربية في التحلل والإباحية الجنسية التي تجعل زنا المراهقات المبكر حق مشروع بينما يعتبر الزواج المبكر جريمة.
ب) أثر العولمة فى إضعاف الإسلام والإيمان:
إن العولمة ما هي إلاّ محاولة فرض العلمانية على كل الدول. ولذلك فإن أثرها على الإيمان باليوم الآخر هو نفس الأثر الذي ينتج عن تطبيق العلمانية على الأمة المسلمة. غير أن العولمة تكون أشد فتكاً لأنها تتخذ من مغريات العالم المعاصر سلاحاً تغذو به الدول. ونعني بهذه المغريات وسائل الاتصال السريعة المتمثلة في الفضائيات. وللأسف فقد انجرف بعض الشباب في مشاهدة الخلاعة والمجون الذي تبثه الفضائيات تحت عنوان: "فيديو كِلِب"، وهي ترجمة حرفية للكلمة الإنجليزية التي تعني: "لقطة تصويرية".
فالعولمة هي ضرب لهويتنا الثقافية الإسلامية، وذلك بعد أن تكون دولتنا قد ضرب دورها الوطني في المجال الإقتصادي والسياسي. وأهم ثقافة لدينا هي الإسلام الذى يحثنا على فعل الخيرات واجتناب الشرور والانحرافات الأخلاقية.