3- تقبيل يد الشيخ
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
3- تقبيل يد الشيخ
سمير: السلام عليك يا أخي خليل. أتيتك اليوم مستفسراً !
خليل: خير يا أخي، وما هو السؤال ؟
سمير: بالأمس عندما ذهبنا للشيخ صالح رأيتك تقبل يده.
خليل: وماذا في الأمر ؟ !
سمير: هذه عبادة لهذا الشيخ.
خليل: سبحان الله ! متى كان احترام الكبير عبادةً له ؟ أعلم يا أخي أن القبلة ما هي إلّا مشاعر حب وتقدير.
فالقبلة للولد حب وشفقة:
جاء في الأثر تقبيل النبي صلى الله عليه وسلم الحسن رضى الله عنه وقول الأقرع: إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحداً، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: "من لا يرحم لا يرحم".
والقبلة للزوجة حب ومودة:
ففيها قول السيدة عائشة رضي الله عنها: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقبل بعض أزواجه وهو صائم". فإن جازت له صلى الله عليه وسلم وهو أملك لإربه في كل وقت، ففي غير رمضان هي جائزة له ولغيره.
سمير: أفهم كل ذلك. ولكن لماذا تقبل يد الشيخ ؟
خليل: لقد فعل ذلك الصحابة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فعن زارع بن عامر رضى الله عنه قال: لما قدمنا المدينة فجعلنا نتبادر من رواحلنا فنقبل يد النبى صلى الله عليه وسلم ورجله.
سمير: ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يستحق ذلك. فهو رسول من عند الله تعالى.
خليل: صلى الله عليه وسلم. هو الذي جاءنا بشرع الله عز وجل، أتراه يفعل أو يقبل فعل شئ لا يرضاه الشرع ؟ فقد قبّلَ ورضَيَ أنْ يُقَبَّلَ.
وما قولك في فعلها من الصحابة فيما بينهم ؟ فعن صهيب مولى العباس قال: رأيت علياً رضى الله عنه يقبل يد العباس رضى الله عنه ورجله.
سمير: أصحيح ما تقول ؟
خليل: أجل يا أخي سمير. فقد جاء عن الشعبى، أن زيد بن ثابت صلى على جنازة فَـقُـرِّبت إليه بغلته ليركبها فجاء عبد الله بن عباس رضى الله عنهما، فأخذ بركابه، فقال زيد بن ثابت: خل عنها يا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال ابن عباس: هكذا أُمِـرنا أن نفعل بالعلماء والكبراء، فـقـبَّـل زيد بن ثابت يد عبد الله وقال: هكذا أمرنا أن نفعل بأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
سمير: ولكن هؤلاء صحابة، والشيخ صالح ليس بصحابي؟
خليل: إن الصحابة يقتدون بالنبي صلى الله عليه وسلم، وهم قدوة لنا نفعل ما كانوا يفعلون، ثم أن تقبيلهم لبعض هو من باب احترامهم وتوقيرهم لبعض.
أما الشيخ صالح وإن لم يكن صحابي لكنه رجل تقي وورع وكبير. فإن تقبيل يده من باب: "ليس منا من لم يرحم صغيرنا ولم يوقر كبيرنا" وما كان التوقير عبادة !
سمير: ولكن اليس الشيخ صالح معجب بنفسه؟ ولو لم يكن كذلك فلماذا يَدعْ الناس تقبل يده؟
خليل: دعنى اسألك اولاً ! اذا جاء أحد وأبدى لك احتراماً وسروراً بك بطريقة ما (قبل يدك، استقبلك استقبالا حاراً،)، هل ستقبل احترامه أم تصده عن ذلك؟
سمير: بالطبع ساتقبله منه.
خليل: كذلك يفعل الشيخ صالح مع من يقبل يده، هو لا يدعو أحداً أن يحترمه احتراماً زائداً، بل هو يفعل كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، عندما قال (لا تسودوني)، تواضعا منه، وفي حديث اخر قال صلى الله عليه وسلم (انا سيد ولد ادم ولا فخر)، مبيناً مكانته التي وهبها له المولى عز وجل، وكذلك الصحابة لم يطلبوا من أحدٍ أن يقبل أيديهم، كما أنهم لم يصدوا من فعل ذلك. فالشيخ صالح لا يغضب اذ لم يقبلوا يده، بل سمعته فى إحدى المرات يقول: "إنني عبد مقصر فى حق مولاى ولا أستحق منكم هذا الاحترام".
وهنالك من كان يجلس معنا. وعندما سمع هذا الكلام بكى بكاءً شديدا حتى ظننت انه سيفقد صوته من شدت نواحه، وبعد هنية سألته لماذا بكيت ؟ أجابني: "إذا الشيخ صالح يقول عن نفسه هذا الكلام فما بالي أنا الذى جل عمري كان في اللهو واللعب !".
فهذا هو الشيخ صالح يتهم نفسه بالتقصير، ونحن نحترمه ونقبل يده حبا له.
إن الذين يدعون أن تقبيل يد الشيخ هو عبادة له ينطلقون من سوء ظنهم بالناس، نعوذ بالله من سوء الظن بالمؤمنين، ومن الدخول في قلوبهم، والتكهن بنواياهم، ويا لها من كهانة وكهنوت !
سمير: شكراً لك يا خليل لقد بددت حيرتى. فعلاً فإن الشيخ صالح رجل صالح ويستحق الاحترام.